لا للتدخل العسكري في ليبيا!

20/03/2011
تحرير ليبيا من شأن الليبيين والعرب أنفسهم
المعسكر المناهض للامبريالية
إن لقرار الامم المتحدة المتخذ بدفع من القوى الغربية حول الهجوم على ليبيا صفة استعمارية جديدة (نيو ليبرالية) واضحة، فالأمر يتعلق بتدخل خارجي في حرب أهلية يفضي في النهاية إلى تنصيب نظام موالٍ للغرب. إن الثرثرة حول دعم تحرك ديموقراطي مضحكة تماماً، ويشهد المرء ذلك بوضوح في مثال دول الخليج العربي حيث تقمع هذه التحرك الديموقراطي (وخاصة في في البحرين) باسم الاستقرار والنظام (الرأسمالي- الامبريالي) وبمنتهى الدموية، غير أن أنظمة الخليج لا تستحي من تسليم ليبيا وباسم الشعب الليبي للهجوم الغربي الذي يطالبون به دعما للديمقراطية في ليبيا!
Bild

والغرب نفسه ليس أقل رياء، فلقد رعى طوال عقود، لا بل زرع طغاة عرباً من أجل إبقاء المنطقة تحت السيطرة، وحتى النهاية المرة ظل متمسكاً بقوة بمبارك وبن علي ومن لف لفهم، وما زال يذود بلا كلل عن أسوأ طغاة المنطقة على الإطلاق؛ المملكة السعودية.
وحتى مع القذافي نفسه جنحت الدول الغربية للسلم وعقدوا معه صفقات تجارية كبرى ووظفوه بوّابا للاتحاد الأوروبي في وجه مهاجري أفريقيا غير المرغوب فيهم. على أنه، بخلاف الطغاة ذوي الولاء الرأسمالي-الغربي المتأصل عضويا كما هو النظام في كل من تونس ومصر ظل القذافي على الدوام شريكاً متقلباً لا يؤتمن، ويتزامن مع ذلك خلو البلد من معارضة يسارية منظمة تحمل التحرك الديموقراطي كما في البلدين المجاورين.
وفي ظل هذه الظروف التقط الغرب الفرصة لإيقاف اندفاع - زخم (دينامية) الثورة العربية. ففي تونس ومصر كانت واشنطن ورهطها لا يزالون السند والمحرك للطاغيتين، أما في ليبيا فقد صار بوسع الغرب الآن الادعاء بدعم التحرك الديموقراطي دون خذلان أسرة حاكمة متحالفة معه تاريخياً. والحساب كالآتي: الفرصة مواتية للإمساك بما سيجيء بعد القذافي. أو من زاوية أخرى: فما يكتسبه الغرب من قدرة ايديولوجية ضد مجمل التحرك الديموقراطي العربي، يوازن الضرر الذي قد ينتج عن خسارة حليف غير محبوب.
نحن لا نعتقد في هذا الصدد أن الانتفاضة من تدبير الغرب أو باختلاق من عملائه ولا نقول بأنها تسير بتوجيهه، فقد كان الحافز التونسي المصري هو ما دفع الشعب الليبي لمحاكاة التمرد، فهل يلام الليبيون حين يبتغون التخلص من طغيان يوزع الثروات الهائلة للبلاد بجور شديد ويتواطأ مع الامبريالية في نفس الوقت؟
ومع ذلك فقد جرت الأحداث تماماً غير مجراها في البلدين الجارين، حيث ظل النظامان في تونس ومصر سليمين، إذ أبعد العسكر الموالون للغرب قمة جبل الجليد المقيتة آملين إنقاذ النظام بهذه الطريقة، في حين تهاوى النظام الليبي ببساطة وتبعثرت أجزاء هامة من الجيش تحت وطأة العاصفة السياسية، ولم تكن قبيلة القذافي وحدها مهددة، بل أن الأوليغاركية الحاكمة وأولئك المقتاتين من فتاتها لم يعودوا متأكدين من النجاة بجلودهم، وإلى ذلك، فهناك الولاء القبلي الذي أمكن القذافي من الصمود، ومن ثم شن الهجوم المضاد.
إبان ذلك، واجهت التمرد مهمة تشكيل نظام ثوري، مما فاق طاقتها تماماً. وعلى صدى صافرات الإنذار الغربية حدث الخلاف بين مناهضي وموالي الغرب وفي الأيام التالية للسيطرة على بنغازي علقت لافتة كبيرة على بناية اللجنة الشعبية تحمل الشعار ذا الدلالة، القائل بأن الشعب الليبي قادر على تحرير نفسه، وأنه يرفض التدخل الغربي.
وقد رأينا كيف ألقى الثوار القبض على زمرة من العملاء البريطانيين المسلحين وجرى إبعادهم عن البلاد، غير أن موقع المعارضة الرجعية في المنفى لم يلبث أن تغلغل، ويسع المرء بناء على ذلك الذهاب إلى أن لمختلف القوى الغربية أيادا في هذه اللعبة، وهكذا لم تلبث اللافتة أن أزيلت، وسرعان ما دعت لجنة بنغازي الدول الغربية إلى التدخل العسكري.
وبهذا تكون الخطيئة الأم قد اقترفت وفقد الاندفاع وجهته التقدمية، فمعارضة تعتمد على القدرة العسكرية للامبريالية هي أسوأ من نظام يجعل من لحظة احتضاره موتاً في مواجهتها.
على أن فرص الدفاع عن بنغازي لم تكن بالسيئة، فقد يكون تحت تصرف القذافي بقية جيش نظامي لا تزال تمتلك المدفعية على الأقل، ولكن مرتزقة القذافي اليائسين ليسوا بالمؤهلين لقتال شوارع ضد شعبه يعجز عنه حتى الجنود الأمريكان المحقونون بالحقد العنصري والمعبؤون لمواجهة مقاومة شعبية، أما إذا تعلق الأمر بالدفاع في وجه هجوم غربي فإن الأمر قد يكون مختلفاً.
إن قوة معادية للامبريالية في ليبيا ستواجه وضعاً صعباً، فإن عليها القتال سياسيا ومؤخرا عسكريا على ثلاث جبهات: أولاً ضد التدخل الغربي، ثم ضد القذافي وثالثا ضد خدم الغرب في بنغازي، وبهذا فقط يمكن أعادة تثبيت القدرة السياسية للانتفاضة الشعبية وشرعيتها أمام الجماهير العربية وكل القوى المقاتلة ضد الامبريالية الرأسمالية على امتداد العالم.
وكما في تونس ومصر، يمكن للمطالبة بمجلس تشريعي أن تكون نقطة تبلور لمعارضة شعبية مناهضة للامبريالية.
المعسكر المناهض للامبريالية (AIK)

19.03.2011