معا في مواجهة الثورات المضادة

28/03/2011
معا من أجل ثورة عربية مستمرة
الجمعية التأسيسية الوطنية الأردنية ـ تغيير
منذ انطلاقة الثورات الشعبية العربية في تونس و مصر و اليمن و ليبيا و البحرين و السعودية، والحبل على الجرار، و قوى الاستعمار و الهيمنة الرأسمالية العالمية و أدواتها و تحالفاتها المحلية من أنظمة الفساد و الاستبداد و التبعية و المزارع العائلية في حالة من الهلع و الهستيريا البوليسية خوفا على مصيرها و مصالحها

الجمعية التأسيسية الوطنية الأردنية ـ تغيير

و لأن هذه القوى لم تصل الى السلطة بطرق ديموقراطية أو نتيجة توافقات مدنية داخلية بل عن طريق اغتصاب الحكم بدعم قوى الاستعمار الأوروبي القديم و الأمريكي الجديد. و لأنها لم تؤسس دولا معاصرة و مجتمعات مدنية بل عصابات وتحالفات مذهبية قبلية مسنودة بأجهزة قمع متوحشة، فاستمرأت الفساد و القمع بدون حسيب و رقيب و قايضت ذلك بالتخاذل أمام الإملاءات الخارجية سواء تحت شعار مكافحة الإرهاب العالمي أو تسليم البلاد لرجال البنك الدولي و الشركات متعددة الجنسية و المافيات العالمية، فلم يكن متوقعا منها أن تقوم بأية مراجعات حقيقية تحد من لصوصيتها و تحرمها من نهب البلاد و العباد و تحويل السلطة الى مغانم شخصية و مزارع فساد عائلية.

و بدلا من ذلك راحت تلملم صفوفها لوقف الثورة الشعبية العربية المتصاعدة و اجهاضها و مواجهتها بثورة مضادة من معالمها المشتركة عند هذه القوى:

1- استخدام البطش الوحشي ضد المظاهرات السلمية سواء باطلاق الرصاص الحي عليها كما حدث في البحرين و اليمن، أو بقصف المدن و الأهالي بالدبابات و المدفعية كما حدث في ليبيا، أو باستخدام البلطجية و الزعران كما حدث و تكرر في أكثر من عاصمة.

2- زج عملاء الشرطة السرية و البلطجية في الشوارع العربية و ما أكثرهم و تصويرهم كأصحاب رأي آخر (شارع ضد شارع).

3- و لعل الأخطر هنا هو التحريض المذهبي كما فعلت سلطات البحرين، والتحريض الجهوي و القبلي كما شهدنا و نشهد في أكثر من عاصمة عربية.

4- و لم تكتف قوى الفساد و الاستبداد العربية و العواصم الرأسمالية التي تدعمها بأجهزة البطش و البلطجية و الشرطة السرية و القمع المحلية بل تعدت ذلك الى التدخل الاقليمي السافر كما حدث في البحرين بضوء أخضر أمريكي.

5- و بالاضافة للقتل الجماعي بدم بارد كان كتّاب التدخل السريع و الاعلاميون المأجورون يغطون هذه الجرائم بأشكال مختلفة من الذرائع المزورة و المضللة التي لم تعد تنطلي على أحد، كما كشفت الأحداث في أكثر من عاصمة عربية عن دور ما يعرف بالنواب البلطجية من عملاء الشرطة السرية في تدبير الاعتداءات على المسيرات السلمية.

6- و من الأساليب الدنيئة الأخرى التي تحط من الكرامة جملة الرشوات الصغيرة التي تتعامل مع الجمهور كمتسولين على أبواب السلاطين و الزعماء الفاسدين.

كيف نواجه الثورة المضادة

ابتداء، لا بد من التحذير من خلط البعض بين مشروع الفوضى الأمريكية الهدامة لتفجير و تمزيق الشرق العربي، و الثورات البرتقالية المشبوهة التي أدراتها المخابرات الأمريكية لتفكيك بلدان شرق أوروبا و اخضاعها للمافيات اليهودية و المصالح الرأسمالية، و بين الثورة الشعبية العربية التي سرعان ما تحولت الى كرة ثلج تكبر كل يوم من المحيط الى الخليج.

و على هذا الصعيد فإن وجود تقاطعات في الاصلاح الديمواقراطي بين قوى هذه الثورة و بين بعض العواصم العالمية وجود مفهوم و موضوعي حيث تحاول الرأسمالية العالمية ترميم نفسها و محيطها العالمي باصلاحات ديموقراطية شكلية تفرّغ الثورة من مضمونها و تحولها الى ثورة مضادة. و لذلك فإن أول الخطوات المطلوبة لمواجهة هذه الثورة المضادة هو الاستمرار في الثورة و اليقظة ازاء لعبة شراء الوقت عبر لجان الحوار العقيمة و حديث الوحدة الوطنية المزعومة بين قوى الفساد والقمع و بين القوى الشعبية بالاضافة لرفض الرشوات و التنازلات الصغيرة التي تقدمها القوى المتنفذة.

فلا بديل ابتداء عن تحولات سياسية و دستورية جذرية تضمن التداول الحقيقي للسلطة و بناء حياة ديموقراطية حزبية و برلمانية، كما تفتح ملفات الفساد ملفا ملفا و تحيل المتورطين فيها الى محاكم مستقلة نزيهة.

و انطلاقا مما سبق، فإن أمام قوى الثورة العربية تحقيق المهام الملحة و الراهنة التالية:

1- الاستمرار في المسيرات و المظاهرات السلمية و تحشيد القوى الشعبية وبناء كتلة تغيير تاريخية واسعة، و الحذر من تغليب التناقضات الثانوية على هذه المهمة الرئيسية.

2- التأكيد على الهوية العربية الواحدة لهذه الثورة التي تتحقق اليوم في الميدان لا على الورق و التي تعيد الاعتبار من جديد الى جدلية العلاقة بين هذه الهوية و بين معركة التخلص من التبعية و الاستبداد.

3- عدم الانزلاق الى السؤال المضلل: الحفاظ على الاستبداد أو تسليم البلاد للغزاة الامبرياليين، فقوى الاستبداد المحلية هي الصورة الحقيقية للتدخل الخارجي مما يحتم علينا رفض الاثنين معا في الوقت نفسه و عدم المفاضلة بينهما. و من ذلك و فيما يخص ليبيا على سبيل المثال فإننا اذ نعلن وقوفنا مع حق الشعب الليبي في انهاء الديكتاتورية و تقرير مصيره في حياة ديموقراطية حقيقية فإننا نؤكد في الوقت نفسه رفضنا لكل أشكال التدخل الخارجي في الشأن الليبي و كل ما يهدد استقلال وسيادة هذا البلد ووحدة أراضيه و حقه في استثمار موارده بعيدا عن هيمنة و اطماع البلدان و الشركات الرأسمالية. كما نرفض أيضا التدخل السعودي و القوى المرتبطه لقمع ثورة الشعب البحريني.