إنتخابات مجلس الشعب عار وخيانه للثوره

02/10/2011
جمال عبد الفتّاح - القاهرة
يصر المجلس العسكرى والقوى المؤيده له من اسلاميين وليبراليين على أجراء أنتخابات مجلس الشعب والشورى لقطع الطريق على استمرار الثوره ، وما تمثله من تهديد على مصالح الطبقه الغنيهالفاسده، ولتضفى شرعيه شعبيه مزعومه على نظام مبارك فى طبعته الجديده ذات الطابع العسكرى الفاشى.

إن نجاح المجلس العسكرى فى هذه الخطوه كما يتصور يعطيه فرصه فى تصفيه العديد من القضايا التى تسبب له كثيرا من الصداع, كمحاكمات مبارك ورجال حكمه الفاسدين، ومحاكمات قتله الثوار من رجال الشرطه، ومواجهه الاعتصامات والمظاهرات الغاضبه من سياسات العسكر المختلفه، وكذلك مواجهه الموجات المتتاليه والمتصاعده من الاضرابات والاحتجاجات الاجتماعيه التى تعمّ كل الطبقات والفئات الكادحه بطول البلاد وعرضها مطالبه بحقوقها.

كما تمكن هذه الخطوه من التغطيه على جرائمه وسياساته المعاديه للثوره بأصدار التشريعات التى يريدها بشكل غير مباشر بعد انفضاح امره فيما يتعلق بالحريات مع استعادته لحهاز الشرطه بنفس رجاله وأساليبه القمعيه القديمه. واستمرار وزارته بنفس السياسات القديمه المنحازه للاغنياء والفاسدين على حساب الغالبيه الساحقه من شعبنا الفقير.. والقائمه على التبعيه الكامله لاسرائيل وامريكا ، كما ظهر فى ردود افعاله فى واقعه مقتل خمسه من جنودنا على يد جيش العدو الاسرائيلى، وأقامته للجدار العازل أمام السفاره الاسرائيليه حمايه لها من غضبه الشعب المصرى.

إن خطوه الانتخابات تمكن المجلس العسكرى من استكمال خريطه الطريق-التى رسمها مبارك-بأصدار الدستور الذى يريد ،"وأنتخاب رئيس الجمهوريه" الذى يريد،ليستمر المجلس العسكرى الحاكم الفعلى كما يريد.. ويعتمد فى تمرير مخططه لأنجاز تلك الانتخابات المشبوهه- البوايه الواسعه لاجهاض الثوره- على امريين حيث ينبغى أن يدفع الشعب المصرى على كراهيه الثوره، والحسرة على ايام مبارك برغم ما كان بسودها من استبداد وقهر ومهانه وأفقار.

الأمر الاول:خلق فوضى متعمده فى أجهزه الدوله ومجالات الحياه المختلفه، ونشر أعمال البلطجه الواسعه، وأثاره الفتن الطائفيه والعائليه والجهويه بطول البلاد وعرضها،بل وتضخيمها عبر وسائل الاعلام لأشاعه الخوف والبلبله بيه الناس.

وما يفضح دور المجلس العسكرى فى هذا الأمر، انه أعاد بناء جهاز القمع البوليسى بأقوى مما كان, ولكنه لا يأمره بالتدخل فى احداث الفوضى والفتن الطائفيه الا بعد أن تحدث تأثيرها المطلوب من وجهه نظره،فيكون التدخل لتبقى فى الحدود التى يمكنه السيطره عليها بعد أن تكون قد فعلت فعلها فى ترويع المواطنين، وعلى العكس فى مواقف أخرى ،تظهر الشرطه والجيش بسرعه وبأعداد كبيره وتظهر من القوه الكثبر كما حدث فى حمايه السفاره الاسرائيليه, فى مواجهه غضب الجماهير المستفزه لمقتل الجنود الخمسه ولكرامه الوطن وأستقلاله.

وبنفس أسلوب القوه والهمجيه أستخدم المجلس العسكرى الجيش والشرطه لفض أعتصام 8/7 فى الاول من رمضان,وأحتفظ بميدان الثوره رهينه وحولة الى ثكنة عسكرية ، ومن قبله تكررت الهجمات الغاشمه لقوات الجيش والمدرعات بميدان التحرير فجر 9ابريل، والثلاثاء الدامى 28/6و9 مارس وغيرها الكثير، من السجلّ الاسود للقمع بعد أسقاط مبارك، ولا حياء لدى المجلس العسكرى أن تروّج دعايته المغرضه بأن الفوضى والبلطجه تعمّ الاحياءوالقرى والمدن لأسباب تعود الى الثوره! وليس الى الثوره المضاده التى يقودها كما تقول الوقائع...

الأمر الثانى:تقوم البنوك بأوامر من المجلس العسكرى وحكومته للتضييق بشده على الاقراض قصير ومتوسط الاجل للمشروعات الاقتصاديه فى مختلف المجالات لتعطيل" عجله الانتاج"المأزوم أصلا منذ زمن بعيد، حيث أن المشاريع الصغيره والمتوسطه بل والكبيره تعتمد بالدرجه الاولى على تمويل البنوك لأعمالها مما فاقم من ازمه البطاله والسيوله والاجور وأرتفاع أسعار السلع والخدمات , وعلى الجانب الآخر يتركون الساحه لمستوردى السلع الاساسيه ومحتكرى توزيعها يعيثون فى بلادنا فسادا ويكوون شعبنا بنيران الغلاء فتتعاظم ارباحهم من دم عشرات الملايين من الكادحين , والمهمشين والعاطلين عن العمل,وحكومه المجلس العسكرى لا تحرك ساكنا، وكان بامكانها حل المشكله بشكل فورى بأن تقوم الدوله باستيراد السلع الاساسيه وتوزيعها مباشره على المستهلكين عبر منافذ التجزئه لتوفير أكتر من 25% من سعر هذه السلع على الفقراء الغالبيه الساحقه من شعبنا.

ولكن سياسه المجلس العسكرى وحكومته تفاقم الازمه وتشتعل الغلاء لالصاق التهمه بالثوره وأعتصامات الثوار المتتاليه وأضرابات العمال والمهنيين وغيرهم حتى يكفر بها الجميع، فتتقدم قوى الثوره المضاده للأجهاز عليها وقبرها،

وفى مثل هذه الظروف الصعبه والخطره توجه قوى الثوره وهى غير منظمه أعداء الثوره فى الداخل والخارج وأعاده ترميم النظام القديم، وقد بدأ اليأس يدب فى نفوس قطاعات من الشعب ويتراجع ايمانها بالثوره، وتضطرب البوصله لديها فتصبح فريسه سهله تقع فى شباك الانتخابات تحت زعم الأمن والاستقرار الذى يبيعونه لها صباح مساء.

إن خبره الثوره فى الشهور الماضيه تقول ان انتخابات الشعب والشورى ليست الاّ مخرجا زائفا فى لحظات الصراع الراهنه تجرنا اليه قوى الثوره المضاده، فنتائجها محسومه سلفا لصالح رجال النظام القديم-الفلول-والاخوان المسلمون وأخوانهم وبعض الليبراليين أعتمادا على سلاح الما ل والرشوه، وعلى العلاقات العائليه والعصبيه والجهويه،وشراء الاصوات خاصه أذا علمنا ان 20% من الشعب المصرى يعيش تحت خط الفقر المدقع، فى ظل انتشارعقليه متخلفه وثقافه دينيه منغلقه يغلب عليها الهوس الوهابى ذات الطابع الشكلى المتشدد والتكفيرى والمحتوى الطائفى الرجعى، لا مكان فيه لحقوق المواطنه وروح التضامن الأخوى. فى وقت لم نتقدم بعد بما يكفى قيم الثوره فى الحريه والمساواه والكرامه الانسانيه والثقافه العقلانيه.وفى نفس الوقت لم تتمكن قوى الثوره الشعبيه من تنظيم نفسها بالقدر الذى يمكنها من قياده العمليه الثوريه فى مواجهه المخاطر والتحديات التى تجابه الثوره فى اللحظه الراهنه.

إن الانتخابات الآن تزيبف لاراده الشعب، وأختطاف للثوره وأهدافها من قبل أعداء الثوره المحليين والعالميين. ومحاوله مستميته من قبل العسكر والاخوان ومن لف لفهم لأضفاء الشرعيه على النظام القديم بعد عسكرته، ولا يبقى أمام قوى الثوره الآ أن تقاطع هذه الانتخابات بشكل ايجابى وطرح دعاياتها تحت شعار(الثوره أولا)والفقراء أولا والاستفاده من الانتخابات فى أوسع فضح لقوى الثوره المضاده والمجلس العسكرى ورجال الاعمال الفاسدين و"الفلول" والاخوان المسلمون والسلفيون والوفد ومن على شاكلتهم،وبناء أشكال الثوره التنظيميه- الجبهه الشعبيه- والنضال المستمر لتحقيق سلطه الثوره-الديمقراطيه الشعبيه- وأهدافها فى العداله الاجتماعيه وفى جوهرها مصادره ثروات رجال الاعمال ورجال الدوله الفاسدين على مدى حكم مبارك والسادات وهم بالآلاف وفرض ضريبه تصاعديه تصل ل40% على الأغنياء , وضريبه على الارباح الرأسماليه , واسترداد كل شركات القطاع العام المباعه بالفساد ، وحل المسأله الفلاحيه بتوزيع الاراضى الجديده على الفلاحين المعدمين وشباب الخريجيين , وعوده أرض الاصلاح والوقف للفلاحين ,والغاء الديون على الفلاحين لبفقراء , وعوده التعاونيات فى الريف ،فى التمويل وتحديد أسعار المستلزمات وبيع المحاصيل والدورة الزراعية وغيرها لصالح الفلاحين والشعب، وعوده قانون الايجارات الزراعيه لعلاقه عادله لصالح الفلاحين المؤجرين- وتحديد حد أدنى وأقصى للأجور(1-10) يحقق الحاجات الانسانيه الضرورية فى السكن والغذاء والتعليم والصحه والثقافه لأصحاب الحد الادنى وأصحاب المعاشات ،ثم باقى أهداف الثوره فى الحريه والكرامه الانسانيه والاستقلال الوطنى .

وينبغى على قوى الثورة الحقيقية ان تحول معركة انتخابات مجلس الشعب من شيئ سيئ الى شيئ حسن بان كسب ارضا جديدة بين طبقات الشعب الكادحة والمهمشين بممارسة اوسع دعاية حول قضايا الثورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وطبعة الثورة الشعبية , بانها ثورة ضد رجال الاعمال والدولة الفاسدين والمحتكرين لثروات البلاد وعرق الملايين , اى ضد النظام القديم بكاملة مؤسسات وسياسات ورجال حكم , وهى ثورتة لن تكتمل الا اذا تحققت سلطة من قاموا بها , سلطة الديموقراطية الشعبية . ولذلك علينا ان نستخدم كافة اشكال النضال والدعاية من مظاهرات واضرابات واعتصامات والنشرات والبيانات والمؤتمرات لتكتسب قوى الثورة قدرات دعائية وتنظيمية اعلى مهما كانت العقبات والقمع الذىسيواجهنا من قوى الثورة المضادة , فالثورة مستمرة ولن نسمح بسرقة دم شهدائها وتضحيات شعبنا مهما كان الثمن من دمنا وارواحنا . ولن تكون مقاطعتنا لهذة الانتخابات سلبية باى حال من الاحوال , فلن نريح اعداء الثورة , ونتركهم يفوزون بشرعيتم المزعومة . بل سنحول هذة المعركة الى خطوة كبيرة على طريق الدولة الجديدة . الديموقراطية الشعبية .

وإنها لثوره حتى النصر

7/9/2011