سوريا في المخاض: حوار مع عبد العزيز الخيّر

18/05/2012
أجراه في دمشق: ناريمان عامر ويوسف فخر الدين، مجلة الآداب » شتاء ٢٠١٢ »
عبد العزيز الخيّر شخصيّة قياديّة في هيئة التّنسيق الوطنيّ ـــ سوريا
NCB Logo

الآداب: قمتم بإنشاء "هيئة التنسيق الوطنيّة" من أجل المشاركة في الحراك الشعبيّ ومحاولة تمثيله. فلماذا قام هذا الحراك؟ ولماذا رفع سقفَ مطالبه إلى حدِّ إسقاط النظام؟ ولماذا غاب هذا المطلب عن بياناتكم، فأثرتم حفيظةَ بعض الشارع عليكم؟

ــ الحراك الشعبيّ هو، فعليّاً، ثورةٌ سياسيّةٌ، حصيلةُ تاريخٍ سياسيٍّ طويل. وقد اجتمعت الظروفُ الموضوعيّة لتنقلَ حركيّةَ هذا التاريخ من الفضاءِ الثقافيِّ السياسيِّ إلى فضاء المجتمع الذي قدّم ما طابقَ توقّعاتنا، وفي الوقتِ نفسه أدهشنا.
هو شيءٌ يشبه ما كنّا نحلم به، وإنْ أتى بصيغةٍ مختلفة تمثّلتْ في أنّ طبيعة الجمهور المتحرّك لا تنطبق عليها تصنيفاتٌ نمطيّةٌ أو تصوّراتٌ سابقة (فهي ليست ثورةَ عمّالٍ أو فلاحين أو قوًى سياسيّةٍ منظّمة...). وهذا الأمر أربكَ العقلَ التصنيفيّ، ولاسيّما أنّ تاريخَ الحراك السياسيِّ في سوريا هو تاريخُ الحركات المنظّمة لا العفويّة كما هي حال مصر. عفويّةُ الحراك الجديد كانت مفاجئةً للشعب السوريِّ كما للنظام والمعارضة، لأنّ أحدًا من هذه الأطراف لم يمتلك القناعةَ بوجود حركةٍ عفويّةٍ في سوريا: ولذا اعتبره النظامُ مؤامرة، وتعاملتْ بعضُ القوى السياسيّة معه بحذر، وتوجّستْ منه شرائحُ من المجتمع السوريِّ لم تحسم خيارَها بعد.
هي ثورةُ جمهورٍ من طبقاتٍ وسطى وشعبيّة. لكنّ الفراغَ الذي سبّبتْه عقودٌ من القمع، ومن عزلِ المجتمع عن السياسة، أدّى إلى ضعفٍ تنظيميٍّ ملموسٍ للأحزاب، أو لمن صمد منها أمام القمع الطويل (إذ تلاشى بعضُها فعليّاً)؛ كما أدّى إلى جهل الجمهور بهذه الأحزاب وبطروحاتها ونضالاتها. يضاف إلى ذلك غيابُ نقاباتٍ حقيقيّةٍ تعبّر عن مصالح أعضائها ووعيهم؛ فالموجود هو محضُ هياكل نقابيّة تخضع لهيمنة السلطة، تزيِّف إرادة أعضائها ووعيهم، ولا تدافعُ عن مصالحهم نفسها. وثمة غياب لمنظّماتٍ أهليّةٍ ومدنيّة، مستقلّةٍ وفعّالة، ولو وُجدتْ لأمكن أن تملأ بعض الفراغ الذي نتج من قمع الأحزاب، لكنّ القمعَ منعها هي الأخرى من الوجود بصورةٍ شبه مطلقة.
كلُّ هذا جعل الثورةَ، بالضرورة، ثورةً عفويّةً غيرَ منظّمةٍ، انفجرتْ لأنّ القمعَ عجز عن إلغاء توق السوريين إلى الحريّة (بل عزّزه)، وعجز عن إلغاء حلمهم بسيادةِ العدالة والقانون وإنهاءِ الفساد (بل قوّى إصرارَهم عليه)، رغم نجاحه في تحطيم أو إضعافِ أو منع الأطرِ السياسيّةِ والنقابيّة والمدنيّة المنظّمةِ التي تستطيع حمل ذلك التوق وهذا الحلمِ، وقيادة نضالهم نحوه.

نحن نرى أنّ المنابعَ العميقة لهذا الحراك تعود إلى سببين تاريخيّين:

1) ديكتاتوريّة النظام وفساده، بما يعنيه ذلك من قمعٍ معمّمٍ وشديدٍ ضدَّ كلِّ نشاطٍ أو تفكيرٍ سياسيٍّ مستقلٍّ؛ ومن رعبٍ ينتاب المواطنين كلّما تناولوا القضايا السياسيّة في جلساتهم الخاصّة أو العامّة؛ ومن ممارسةٍ للحكم على أساسِ مراسيمَ وأعرافٍ وأوامرَ كثيرًا ما تكون شفهيّةً وخرقًا للقانون المكتوبِ أو تحريفًا له أو استثناءً منه، بحيث تَخدم مصالحَ الموالين للنظام، وتضعُ ثرواتِ المجتمع في متناولهم أكثر من متناول غيرهم، أو دون غيرهم في كثيرٍ من الحالات. وهذا ما خلق حالاتِ تمييزٍ واضحةً بين المواطنين، شملتْ أبسطَ حقوق المواطن، مثل حقِّ العمل أو السكن أو السفر خارج البلاد، على مستوى قاعدة الهرم، ووصلتْ إلى المحاباة الفاضحةِ في الصفقات والاستثماراتِ الكبيرة، على مستوى قمّة الهرم.
2) السياسات الاقتصاديّة، وتحديدًا السياسات التي تمَّ اتّباعُها منذ بداية التسعينيّات، عندما تسارع تحريرُ نشاط رأس المالِ الخاصِّ، وبدأ فتحُ الأبواب للرأسمال العربيِّ والأجنبيِّ، في تجاوبٍ واضحٍ مع شروط صندوق النقد الدوليِّ ومراكزِ الرأسمال العالميّة الأخرى. وقد أخذتْ هذه السياساتُ دفعاتٍ قويّةً بعد عام 2000، وظهرتْ تعديلاتٌ قانونيّةٌ وعمليّةٌ للنشاط الاقتصاديِّ في البلاد ولدور الدولة الاقتصاديّ، فتراجع هذا الدورُ لصالح رؤوس الأموال الخاصّةِ والشراكات الجديدة بين النُّخَب المقرّبة من السلطة ورؤوس الأموال العربيّةِ والعالميّة، عبر انفتاحٍ اقتصاديٍّ انتقائيٍّ وأحيانًا عشوائيّ. وبدأ يتراكم تغييرٌ في بنية الاقتصاد، لا يبالي بقطاعات الإنتاج الحقيقيِّ، بل يخنقها ويضعفها. وهذا ما زاد من وطأة التشوّهات البنيويّة، القائمة أصلاً في الاقتصاد السوريِّ، وزاد من تبعيّته للخارج، ومن تكيّفه مع حاجات السوق العالميّة، لا مع حاجات التنمية والمجتمع السوريِّ، ولاسيّما حاجات الطبقات الشعبيّة والوسطى التي كانت القطاعاتُ الإنتاجيّة وقطاعُ الدولة تؤمّن بعضَها، وبخاصةٍ الحاجةُ إلى العمل. كلُّ هذا كان بالنتيجة على حساب الطبقات الشعبيّة والوسطى، وبعضِ فئات الرأسماليين غير المقرّبين من السلطة. وقد أدّى تسارعُ الفرزِ الطبقيّ إلى إنتاج نخبٍ ذات ثرواتٍ خياليّةٍ ورفاهيّةٍ غير مسبوقة، بينما انحدر المستوى المعيشيّ والاجتماعيُّ للشرائح الوسطى والدّنيا بشكلٍ قويٍّ، وتوسّعتْ دائرةُ البطالة بسرعةٍ كبيرة.
تضافر مع هذين العاملين عاملٌ آخر، هو العامل المعنويُّ الذي وفّره مناخُ الربيع العربيِّ (تونس، مصر، ليبيا، اليمن،...). هذا المناخ أنعش الأملَ بالتغيير، وقوّى الثقةَ بالنفس في إمكانيّة تحقيقه بقوى الشعب نفسها، وقدّم نماذجَ رغِبَ السوريّون في السير على هديها. فالشعبُ السوريُّ لا يعتبر نفسَه أقلَّ من غيره من الشعوب، بل على العكس؛ فهو شعبٌ معتدٌّ بنفسه، ويتباهى بتاريخه الحضاريِّ ومدنيّته العريقة ــ وهو محقّ في ذلك.
كان المناخ السوريّ يحوي جميعَ عناصر الانفجار، فجاءت حادثةُ درعا لتُطلقَ الشرارةَ التي فجّرت الثورة. والحقّ أنّ حادثة درعا ليست استثنائيّةً في ظلِّ الديكتاتوريّة؛ لكنّ اجتماعَ العناصر السابقة أدّى إلى غضب المواطنين وانطلاق حركةِ احتجاجٍ واسعةٍ بينهم، تجاوبتْ مناطقُ أخرى معها، وبدأت الحالة الثوريّةُ تعمُّ مختلفَ أنحاء سوريا. في البداية، تحرّك الجميعُ تحت سقف «الإصلاح،» ولم تكن المطالبُ في بداية الحراك جذريّةً بالطريقة التي نراها اليوم، بل كانت مصحوبةً بالأمل في أن تستجيبَ السلطة لمطالب الإصلاح. لكنّ ما حصل كان عكسَ ذلك تمامًا. فقد واجه النظام هذا الحراكَ مواجهةً أمنيّةً شديدةً، هي طريقته المعهودة في مواجهةِ مثل هذه الحالات، مصحوبةً كالعادة بجملةٍ من الاتّهامات الموجّهة إلى المحتجّين: مجموعات إرهابيّة، سلفيّة، فلسطينيّة، جهاديّة،...
ما طُرح من مطالبَ إصلاحيّة، وشعاراتٍ سياسيّة، اصطدم ببنيةٍ شديدةِ المركزيّة وبديكتاتوريّة يتميّز بها النظامُ السوريُّ حتى تجاه بنيته الداخليّة؛ فهو نظامٌ استبداديٌّ مركزيٌّ ليس فقط تجاه المجتمع، وإنّما تجاه بناه وهيئاته ومؤسّساته نفسها. ذلك لأنّ القرار عادةً محتكرٌ من رأس النظام، والآن يتشارك في صنع القرار مع فئةٍ قليلةٍ من الأفراد، تظلُّ فعليّاً ممسوكةً من قبله. والحال أنّ عدمَ السماح لجهاتٍ أو مؤسّساتٍ أو اتّجاهاتٍ جديدةٍ بالتفكير في التدخّل ضمن بنيةِ النظام نفسه أفقده الليونةَ والقدرةَ على التكيّف، وجعل تعاملَه مع المستجدّات تقليديّاً وميكانيكيّاً.
وقد ترافق هذا التصلّبُ مع دخول عنصرٍ تاريخيٍّ جديدٍ في البيئة والحياة السياسيّة، ألا وهي وسائلُ الإعلام الحديثة، التي شكّلتْ، من جهةٍ، أدواتِ تواصلٍ بين الناشطين مكّنتْهم من تبادل الأفكار والتنسيق في العملِ في ما بينهم، فعوّضتْ بذلك من آليّات التواصل والتفاعل السياسيِّ التقليديّة المحظورة في سوريا (الصحافة والاجتماعات المباشرة في النقابة أو الحزب)؛ وشكّلتْ، من جهةٍ ثانية، وسيلةَ إعلامٍ بديلٍ عجز النظامُ عن منعها، فأدّت دورًا رئيسًا في كشف ممارسات النظام القمعيّةِ لأوسع الجماهير وقطاعات الرأي العامّ المحليِّ والعالميّ، الأمرُ الذي قوّض تمامًا سياسةَ التعتيم على الجرائم، فأصبحتْ كلُّ ممارسات السلطة تتمُّ تحت أعين الكاميرات، وهو ما أخلَّ في العمق بآليّات عملِ النظام وأجهزة قمعه التي تعتمدُ مثل غيرها على الصمتِ والتعتيم على جرائمها لتضمنَ لنفسها حريّةَ التصرّف وتجنّبَ ردود الفعل.
هكذا أصبحتْ كلُّ عمليةِ قمعٍ تُفتضح محرِّضًا على المزيد من ردود الفعل الغاضبة، ودافعًا إلى رفع سقف المطالب السياسيّةِ للجمهور الغاضب الذي أخذ يشعر بالمزيد من المهانة والغضب لتجاهل مطالبه تمامًا ولمعاملته بالإخضاعِ والإذلالِ وسفكِ الدماء، حتى وصلت الأمورُ إلى المطالبة بإسقاط النظام.
أمّا عن سؤالكم عن غياب مطلب «إسقاط النظام» في بيانات «هيئة التنسيق،» فنردُّ بأنّ هذا السؤالَ محقٌّ من حيث الشكل، ويجانب الصوابَ في المحتوى. ذلك أنه حاضرٌ ضمنًا بلا شكٍّ في طروحاتنا وبياناتنا، رغم عدم استخدامِ التعبير حرفيّاً. فالقول بالانتقال من النظام الشموليِّ القائم، إلى نظامٍ تعدّديٍّ برلمانيٍّ ديمقراطيّ يتمّسك بالوطنيّة السوريّة، يعني حكمًا القولَ بإسقاط النظام... مع إضافةٍ نوعيّةٍ، تُعنى بطرح البديل. أي إننا نختلف عن غيرنا بأننا طالبنا بإسقاط النظام وحدّدنا أيضًا وصْفَنا للنظام المأمول. وعلى مَن لا يقتنعُ بهذا أن يقولَ لنا كيف تمْكن إقامةُ نظامٍ وطنيٍّ ديمقراطيٍّ، برلمانيٍّ وتعدّديٍّ، من دون إسقاط هذا النظام (رغم أنّنا امتثلنا لاحقًا لمطلبِ إبراز هذا الشعار بالتعبير الحرفيِّ الذي أراده الشارعُ الثائر)؟
يمكن القولُ إننا لم نوفّقْ منذ اللحظةِ الأولى في ترجمة الفكرة الصحيحة للتغيير الذي نريد إلى شعارٍ شعبيٍّ بسيطٍ وواضحٍ يناسب مزاجَ الحالة الثوريّةِ التي يعيشها المجتمع، ألا وهو شعار «إسقاط النظام» ــ وهذا ما استغلّه خصومُنا السياسيّون بتجاهلٍ تامٍّ لمصلحة الثورةِ والشعب. لكننا تجاوزنا هذا الخطأ بعد ثلاثة أشهر من تأسيس الهيئة، وبعد أن دفعنا ثمنه غاليًا.

ما هي العواملُ التي أدّت إلى تشكيل «هيئة التنسيق الوطنيّة»؟ وما هي التيّارات المشاركة؟

ــ منذ سنواتٍ طويلةٍ، وحلمُ إنشاء تحالفٍ سياسيٍّ واسعٍ للتغيير الديمقراطيِّ يراود قلوبَ الناشطين والجمهور السياسيّ السوريّ نتيجةً للإحساس بعجزِ أيِّ حزبٍ بمفرده، أو بعجز أيّ تحالفٍ محدودٍ، عن تحقيق التغيير الديمقراطيِّ المنشود وإطاحة الديكتاتوريّة على امتداد العقود الماضية.
وقد جرت محاولةٌ أولى في هذا السياق في العام 2005 بتأسيس «إعلان دمشق للتغيير الديمقراطيّ» بين أحزابٍ كثيرةٍ وشخصيّاتٍ متنوّعةِ المشارب فعلاً، لكنّ هذه المحاولة فشلتْ خلال عامين لأسبابٍ لسنا في صدد الحديث عنها هنا.
وجرت محاولاتٌ لاحقةٌ لتأسيس تحالفٍ من هذا القبيل في العام 2009، لم تكلّلْ بالنجاح لافتقاد قوّة الدفع السياسيِّ اللازمة.
وعندما اندلعت الانتفاضةُ في آذار 2010 توفّرتْ قوّةُ الدفع المطلوبة، وتمَّ تأسيسُ «هيئة التنسيق الوطنيّة» في 30 حزيران 2011 بعد حواراتٍ صعبةٍ وواسعةٍ استغرقتْ ثلاثة أشهرٍ، شاركتْ فيها قوى وشخصيّاتٌ من كلِّ الاتّجاهات الفكريّة والإيديولوجيّة الموجودة في البلاد، القوميّةِ واليساريّةِ والليبراليّة والإسلاميّةِ المستنيرة، عربيّةً وكرديّةً وآثوريّةً، ومن كلِّ ألوان الطيف السوريِّ الاجتماعيِّ والدينيّ.
كان الدافعُ الأساس الذي حرّك الجميعَ هو تشكيل إطارٍ سياسيٍّ واسعٍ يعبّر بحقٍّ عن الطيف السياسيِّ السوريِّ، ويعمل على تحقيق التغيير الوطنيّ الديمقراطيّ بقوّة الشعب السوريِّ وثورته أساسًا، ويصون البلدَ من أخطار التدخّلِ العسكريّ الخارجيّ، والطائفيّة، وأخطارِ عسكرة الثورة والحرب الأهليّة. والتزمت المبادرة لإنشاءِ هذا التحالف برفض إقصاء أيِّ طرفٍ أو اتّجاهٍ سياسيٍّ، إلاّ مَن يقصي نفسَه، وبالعمل على تحقيق التغيير الديمقراطيِّ بالكيفيّة التي تضمنُ وحدةَ الشعب وسيادةَ البلاد ونقلَها في المحصّلة إلى وضعٍ تاريخيٍّ أفضل، لا بالسعي إلى تحقيق التغيير بصرفِ النظر عن وسائله وقواه وعن البديل الذي سيقومُ على أنقاض النظام.
من هنا بدأ التمايزُ السياسيُّ والبرنامجيّ يتبلور: فقد وُجِد من يدعو إلى التغيير بقوّةِ التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ على الطريقة الليبيّة، وبصرف النظرِ عن البديل الذي سيحلُّ محلَّ السلطة القائمة، بحجّةِ أنه لا يوجد ما هو أسوأُ من السلطة القائمة، وأنّ أيَّ بديلٍ هو بالضرورة أقلُّ سوءًا منها، وبصرف النظر أيضًا عن أخطار العسكرة والحرب الأهليّة التي قد تُدفع نحوها قوًى بعينها (من داخل البلاد وخارجها) ــ وهو ما رفضته وترفضه قوى «الهيئة» وشخصيّاتُها بصورةٍ مبدئيّةٍ حازمة.
بالنتيجة، أعلنت «الهيئة» عن قيامها في 30/6/2011، وطرحتْ وثيقتها التأسيسيّة، وحرصتْ على إشراك قوى جديدةٍ من الحراك في بنيتها وهيئاتها. انضمَّ إلى الهيئة خلال ثلاثة أشهرٍ من تأسيسها خمسةَ عشرَ حزبًا وتيّارًا سياسيّاً، هي الغالبيّة العظمى من الأحزاب والمجموعات السياسيّةِ الموجودة في الخريطة السياسيّة السوريّة (أحزاب قوميّة عربيّة وقوميّة كرديّة وسريانيّة، وأحزاب وقوى يساريّة وماركسيّة معارضة متعدّدة، وشخصيات تعبّرُ عن اتّجاهاتٍ إسلاميّةٍ مستنيرةٍ، وشخصيات اجتماعيّة واقتصاديّة ليبراليّة، ونخبة من أبرز الشخصيّات العامّة في البلاد من مثقّفين وصحفيين وكتّابٍ وغيرهم).

يبقى النفسُ اليساريّ حاضرًا في حديثك، وهنا يحضرنا سؤال: من موقعك القياديِّ في حزب العمل الشيوعيّ في سورية، كيف ترون في الحزب موقفَ القوى اليساريّة في المنطقة، وعلى الصعيد العالميِّ، من الانتفاضةِ السوريّة؟

ــ كان اليسارُ الحقيقيُّ في المنطقة والعالم مع الشعب السوريِّ ومصالحه على طول الخطّ. المشكلة كانت دائمًا لدى الأحزاب الستالينيّة أو التابعة للسوفييت، إذ كانت تُولي مواقف النظام من الصراعات الدوليّة الوزنَ الأهمَّ، بينما تقضي المبدئيّة اليساريّة بإيلاء الأولويّة في تحديد الموقفِ من الدول والأحزاب انطلاقًا من سياساتها تجاه شعوبها. لنا قراءتنا النقديّة تاريخيّاً من هذا التشوّه «اليساريّ،» ونعتبره من أسباب الهزيمة التي لحقتْ باليسار العالميِّ الذي كان متحقّقاً (النموذج السوفييتيّ)، بينما يراها غيرنا «واقعيّةً سياسيّةً» للأسف. حزبُ العمل ينتمي، من حيث النشأة، إلى اليسار الجديد الذي برز في نهاية الستينيّات من القرن الماضي، في لحظةٍ فارقةٍ في نهوض يسارٍ نقديٍّ للستالينيّة، مازلنا أمناء له وسنبقى.
الواقع أنّ النظام السوريّ كان على يسار الأنظمة العربيّة عمومًا في المسألة الوطنيّة (الموقف من قضيّة فلسطين والمشروع الصهيونيّ والمقاومة)، وفي بعض القضايا الاجتماعيّة. وكان موقعه هذا أحيانًا كثيرةً في ظواهر السياسات، لا في عمقها، وحرص ببراغماتيّةٍ عاليةٍ على أن يبقى في هذا الموقع من المشهد الرسميّ العربيّ ــ وهو ما استفاد منه كثيرًا عبر تاريخه. وحين انزاح المشهدُ العربيُّ كلُّه باتّجاه اليمين، انزاح معه بلا تأخّر، ولكنه حرص على أن يبقى على يساره في الوقت نفسه، وبذل جهودًا شبهَ مستمّرةٍ في إقامة علاقاتٍ جيّدةٍ مع أنظمةٍ وقوى يساريّةٍ في أمريكا اللاتينيّة مثلاً، ومع الصين وغيرها في آسيا، وأحسن استغلالَ هذه العلاقات عندما كان يحتاجها، ليهملَها عندما تخفُّ حاجتُه إليها.
على أنّ هذا الوضع تغيّر بعد اندلاع الثورة الشعبيّة الراهنة ضدّ الديكتاتوريّة، ولاسيّما مع انكشاف ممارسات النظام الوحشيّة. وها هي سياساتُ النظام الداخليّة التي مارسها على امتداد عقودٍ في الخفاء، وغطّاها بسياسةٍ خارجيّةٍ أعجبتْ بعضَ اليساريين والوطنيين وخدعتْهم طويلاً عن حقيقته، ها هي تُفْقده أصدقاءه وحلفاءه واحدًا بعد الآخر، وتنقلهم إلى صفِّ المطالبين بضرورة أن يلبّي مطالبَ الشعب.
من الغريب حقّاً كيف يصمُّ النظام أذنيه عن كلِّ هذا، ويمضي في تصعيد القمع والوحشيّة، مشدّدًا الخناقَ على نفسه بيديه، حتى يكاد لا يترك لنفسه حليفًا أو صديقًا، متّهمًا العالمَ كلّه تقريبًا بالتآمر عليه، ومحرجًا أقربَ حلفائه إليه، وكأنه يدفعهم دفعًا إلى التخلّي عنه ونبذه!

قمتم بإنشاءِ «هيئة التنسيق الوطنيّ» لتَلْحقكم الاتّهاماتُ منذ اللحظاتِ الأولى. قيل إنكم أنشأتم هيئةً للتفاوض مع النظام السوريِّ. وقيل إنّ موقفكم أقلُّ حزمًا من المطلوب في الشارع. إلى أيِّ مدًى تقارب هذه الاتّهامات حقيقةَ موقف الهيئة؟ وهل يشكّل «المجلس الوطنيُّ» ضمن هذا السياق النقيضَ الموضوعيَّ للنظام في تصلّبه من فكرة الحوار؟

ــ كلّ هذه الاتّهامات جاءت من أطرافٍ سياسيّةٍ تتميّز تاريخيّاً باعتمادها مفاهيمَ التخوين والإقصاء في صراعها مع من تعتبره منافسًا سياسيّاً أو خصمًا لها، بل مع من يختلف معها من أنصارها أيضًا. مثلُ هذه الأساليب بخلفيّاتها الثقافيّةِ هي بعضُ ما يثور الشعبُ السوريُّ ضدّه اليوم، لأنها هي بالضبط أساليبُ النظام الاستبداديّ وثقافتُه. ومن المفهوم أنّ احتكارَ النظام للحياةِ السياسيّةِ والنشاطِ الإعلاميِّ والثقافيِّ على مدى عقودٍ ترك آثارًا قويّةً في وعي الجمهور وثقافته السياسيّة أيضًا. ومن الأكيد أنّ تجاوزَ ثقافة الاتّهام المجانيّ والتخوين والإقصاء يتطلّبُ عملاً جادّاً وطويلاً في حقولٍ كثيرة، لتصلَ الحياةُ السياسيّة في سورية إلى مستوى الثقافة والسلوك الديمقراطيِّ المنشود. هذا وقد قامت جهاتٌ إعلاميّةٌ وسياسيّةٌ، عربيّةٌ وأجنبيّةٌ، ذاتُ مصالحَ وأجنداتٍ معيّنة، بالمساهمة في ترويج تلك الاتّهامات على أوسع نطاقٍ، وحرصتْ على أن لا تتيحَ «للهيئة» فرصةً عادلةً ولو بالحدِّ الأدنى لمواجهة تلك الاتّهامات والردِّ عليها. ونحن نفهم تمامًا أنْ تحاربَنا جهاتٌ غير سوريّةٍ تريد أن تخْلف النظامَ الديكتاتوريّ، وقوًى تكون مرتهنةً لها وخادمةً لمصالحها، ولا تبالي كما يجب بالسيادة الوطنيّة ولا بمصالح الشعب والثورة، فمصالحها تقودها إلى ذلك. أما الأطراف السياسيّة السوريّة التي تحارب مَن يتميّز عنها بمثل هذه الأساليب، فنرى فيها جزءًا من ثقافة التخلّف والاستبداد، ومن الماضي الذي يجب أن ينطوي عاجلاً أو آجلاً، لا جزءًا من الثورة وقواها الحقيقيّة... بل هي في الحقيقة جزءٌ من قوى الثورة المضادّة، ومن طبيعة النظام نفسه رغم معارضتها له!
إنّ «هيئة التنسيق» هي النقيض الديمقراطيّ الحقيقيّ للنظام، في برنامجها وفي ثقافتها وفي ممارستها. لكنها، خلافًا لغيرها، وبقدر ما تتمسّك بأن يكونَ بديلُ النظام نظامًا ديمقراطيّاً حقيقيّاً يلبّي مطالبَ الشعب والثورة، فإنها ترفضُ أن ترهن نفسَها للخارج تحت أيِّ ذريعةٍ أو تنظير، وترفض بوعيٍ وإدراكٍ وحزمٍ أن تندرجَ في أيِّ سياقٍ للتغيير يهدِّدُ بوضع البلاد تحت الاحتلال الأجنبيِّ، أو برهن مستقبل الشعبِ السوريِّ لجهاتٍ خارجيّةٍ أيّاً تكن، أو بزجِّ البلادِ في حربٍ أهليّة. وهي ترفض بالتأكيد «مشاريعَ تغييرٍ» تقود فعليّاً إلى بديلٍ للنظام الديكتاتوريِّ الراهن لا يقلُّ عنه ديكتاتوريّةً، وربّما يتفوّق عليه، ولا يقلُّ عنه تخلّفًا، وربما يزيد عليه!

ولأنّ «هيئةَ التنسيق» على هذا النحو، فإنها تحارَب وتحاصَر ولا تتوقّفُ محاولاتُ تشويهها والافتراءِ عليها من قبل كلِّ الذين يهتمّون بمصالحهم الأنانيّة فقط، على حساب مصالح الشعب السوريِّ وثورته ومستقبله الديمقراطيّ، وربّما على حساب وحدته المجتمعيّة وسيادته الوطنيّة وسلْمه الاجتماعيّ.
لقد تكفّلَ ثباتُ مواقف «الهيئة» على مرِّ الشهور في فضح كذبِ تلك الاتّهامات وزيفها. فها هو النظامُ يدعو منذ أشهرٍ إلى «الحوار،» لكنّ «الهيئة» تَرفض وتكرّرُ مطالبَها: بوقف القتل، وسحْبِ الجيش، ولجْمِ أجهزة الأمن، وإطلاقِ سراح المعتقلين، وإحالةِ المسؤولين عمّا ارتُكِبَ من جرائمَ وفسادٍ إلى المحاكم. وكلُّ هذا لتوفير مناخٍ يسمح بالحديث عن عمليّةٍ سياسيّةٍ لمعالجة الوضع تلبّي مطالبَ الشعب المشروعة، وتؤدّي إلى استبدال النظام الديكتاتوريّ بنظام ديمقراطيٍّ تعدّديٍّ برلمانيٍّ. وها هي أصواتٌ وقوًى دوليّةٌ وإقليميّةٌ تنضمُّ إلى الدعوة إلى «الحوار،» فلا تسمع من «الهيئة» إلا الإجاباتِ نفسها. فأين هي تلك الاتّهامات من حقيقة ممارسات «الهيئة» وطروحاتها، إذًا؟
هذا في حين أنّ سياسات النظام، وسياسات معارضيه الذين هم من جنسه حقّاً، تدفع البلادَ أكثرَ فأكثرَ نحو أخطار التدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، وأخطارِ الحرب الأهليّة، وأخطارِ تفتّت وحدة المجتمع والصراعات الطائفيّة. فأين هذا من مزاعم السعي إلى نظامٍ ديمقراطيٍّ، ومن رفضٍ للتدخّل العسكريِّ الخارجيِّ، ومن رفضٍ للطائفيّة والعسكرة، ممّا يزعمه مهاجمو «الهيئة»؟
ليس «الحوارُ» في حدِّ ذاته قضيّةً يمكن اتّخاذُ موقفٍ مبدئيٍّ منها؛ فهو مجرّدُ واحدٍ من أساليب العمل والنضال، يمكن استخدامُه لخدمة أهدافِ الثورة أو عدم استخدامه، تبعًا لميزان القوى ولحاجاتِ اللحظة السياسيّة في مرحلةٍ معيّنة. وأنت تستطيعُ أن تجلسَ إلى طاولة الحوار مع عدوٍّ أو خصم، وتظلُّ جذريّاً ومتمسّكًا بأهدافك وعاملاً لتحقيقها، ويمكن أن تستسلمَ وترفعَ الرايةَ البيضاء في أرض المعركة أيضًا من دون أيِّ حوار. جرى كلُّ هذا في التاريخ في أماكنَ كثيرةٍ من العالم. فرفضُ الحوار أو قبوله ليس مقياسًا لجذريّتك، ولا دليلاً على قوّتك أو ضعفك. المقياسُ والدليل هو ما تفعله وما تتّخذه من مواقفَ على طاولةِ الحوار أو بعيدًا عنها، بحيث تخدم أهدافَكَ على أفضل شكلٍ ممكنٍ.

أمّا القول إنّ «المجلسَ الوطنيَّ السوريَّ» هو النقيض الموضوعيُّ للنظام، فردّي عليه هو أنه لا يمكن الحديثُ عنه وكأنه كتلةٌ متجانسةٌ لأنه أبعدُ ما يكون عن ذلك. في «المجلس» شخصيّاتٌ وقوًى تريد نظامًا ديمقراطيّاً ليبراليّاً؛ وفيه قوًى أبعدُ ما تكون عن مثل هذه الإرادة: بعضُها إسلاميٌّ أصوليٌّ متشدّد، وبعضُها طائفيٌّ صريح، وثمّة أشخاصٌ يصعب تصنيفُهم ومعرفةُ ما يريدونه سوى مصالحهم الشخصيّة الضيّقة، وثمّة من هو غيرُ هذا وذاك. وسلوكُ «المجلس» بمحصّلة قواه لا يدلّ حتى اليوم على أنه يجسّدُ نموذجًا ديمقراطيّاً صالحًا، لا في الفكر ولا في الممارسة. بل ثمّة خشيةٌ حقيقيّةٌ من أن تكون القوى المهيمنةُ في هذا المجلس من طبيعةٍ لا ترى في الديمقراطيّة سوى شعارٍ يجب استغلالُه للوصول إلى السلطة، ليجري بعد ذلك اعتمادُ نموذج حكمٍ لا علاقة له بالديمقراطيّةِ من قريبٍ أو من بعيدٍ، نموذجٍ قد يكون مجرّدَ طبعةٍ جديدةٍ من كتاب الاستبداد، مكتوبةٍ بحبرٍ مختلفٍ ولونٍ مختلفٍ، ولكن بمحتوى استبداديٍّ أكيد. على ضوء هذا لا أرى على أيِّ أساسٍ يمكن الزعمُ أنّ «المجلس» نقيضٌ موضوعيٌّ للنظام.

يتمُّ التشكيكُ في تمثيل «الهيئة» للشارع المنتفض. كيف تنظرون لموضوعِ التمثيل؟ هل يعبّر عن وجهة نظرٍ حقيقيّةٍ؟ أيُّ حراكٍ شعبيٍّ يحتاج إلى نُخبٍ تتقدّمه، فما رأيكم بظاهرةِ اللحاق بالشارع سياسيّاً وأخلاقيّاً؟

ــ عندما تنزل الجماهيرُ إلى الشوارع والساحات تكون الحالةُ هي الديمقراطيّة المباشرة، لأنّ الجمهور يعبّر عن نفسه بنفسه من دون أيِّ توكيلٍ أو تفويضٍ لأحد كي يمثّله أو يتحدّث باسمه. لذا من الصحيحِ القول إنّ «الهيئة» لا تمثّلُ الشارع، ولكنْ بالقدر نفسه يصحُّ القولُ ذاتُه عن «المجلس الوطنيِّ» وأيّ نخبةٍ سياسيّةٍ أخرى. حكايةُ التمثيل المتداولة منذ فترةٍ هي لعبةٌ إعلاميّة ــ سياسيّة، لها غاياتٌ معيّنة. وعندما يقول جمهورٌ متظاهرٌ إنّ فلانًا «يمثّلني،» فالمعنى الحقيقيّ للعبارة هو أنني في هذه اللحظةِ أعلّق آمالي على فلانٍ، وأنه يعجبني. عبارةُ «يمثّلني» هنا لا تعني أنّ الجمهورَ يفوِّض هذا الطرفَ التحدّثَ باسمه والتصرّفَ وفق ما يراه مناسبًا لتحقيق مصالح الجمهور، كما هو الحال مثلاً في تمثيلِ قيادة حزبٍ لأعضاء ذلك الحزب وطروحاته، أو في تمثيل النائب البرلمانيّ لمنتخبيه الذين صوّتوا له بناءً على برنامجٍ محدّدٍ طرحه عليهم وقبلوه، وبناءً على إعجابٍ واختيارٍ يخوّلانه صلاحيّاتٍ محدّدةً بالقانون. ثمّة «عقدٌ» بين الحزبيين وقيادة حزبهم، وبين النائبِ البرلمانيّ وناخبيه، يخوّل هذه الجهات صفةَ الممثِّل ويحدّد صلاحيّاتِه ومدّتَها. أما الجمهورُ الثائر فلا عقْدَ بينه وبين مَن يدّعون تمثيلَه، وهو يسحبُ ثقتَه وإعجابَه وصفةَ التمثيل عن أيِّ شخصٍ أو جهةٍ بالسرعة أو السهولة نفسها التي يمنحها بها. هذه هي طبيعةُ الديمقراطيّةِ المباشرة وآليّاتها.
بالطبع تعمل القوى والأحزابُ والشخصيّات السياسيّة على كسبِ ودِّ الجمهور وثقته ورضاه، بطرقٍ مبدئيّةٍ أو غير مبدئيّةٍ، قد لا يكونُ التملّقُ والتدليسُ والخداعُ غريبًا عنها بالنسبة إلى كثيرين؛ وتجاربُ التاريخ تزخرُ بالأمثلة على هذا. وقد يترفّع بعضُ أصحابِ المبادئ عن مثل ذلك، ويراهنون على سلامةِ مواقفهم وانسجامها الفعليّ مع مصالح الجمهور وحاجاته، وعلى الثقةِ بأنّ هذا الجمهورَ سيكتشف مصداقيّتهم وسيكسبون احترامَه وثقتَه الحقيقيّة عندها، ليصيروا بعد هذا ممثّلين موثوقين له ولمصالحه. في هذه الحال تكون معركةُ النضال لكسب ثقةِ الجمهور معركةً طويلةَ النفس، أهمُّ أسلحتها هي الصدقيّةُ والاستمرارُ والإخلاصُ للشعبِ والنجاحُ في التواصل معه وتوضيح الحقائق له. وعلى هذا نراهنُ في «هيئة التنسيق.»
أمّا مسألةُ اللحاق بالشارع، والقول إننا «نريدُ ما يريده الشارعُ ونقولُ ما يقوله،» فهي ظاهرةٌ تعبّر عن مزيجٍ من الرغبةِ في تملّق الشارع، وعن تخلّي النخبة السياسيّة التي تقول هذا عن دورها ومسؤوليّتها في قيادة الشارع وتوجيهه (ربّما لعجزها) طمعًا في شعبيّةٍ لحظيّةٍ، قد تحقّقها وقد لا تحقّقها. هذه شعبويّةٌ مبتذلةٌ في الموقفِ والخطاب، لا علاقةَ لها بالسلوك المسؤولِ المفترض بالنخبة!

دمشق