يصدر الشهر القادم عن دار الساقي للنشر كتاب مذكرات الØÙƒÙŠÙ… جورج ØØ¨Ø´ØŒ ÙˆÙيما يلي مقدمة الكتاب بقلم الدكتور أنيس الصايغ
أعتر٠بأني أشعر بشيء من الرهبة التي تبعث بعضاً من تØÙّظ وتردّد وأنا أشرع ÙÙŠ كتابة هذا التقديم لمذكرات جورج ØØ¨Ø´. إنه أشبه بورع المؤمن ØÙŠÙ†Ù…ا يلج مصلّى للتعبّد. ØÙŠØ« يتضاءل الإنسان ويكاد يتلاشى Ø¨ÙØ¹Ù„ ما يسمع من ترتيل وتكبير ودعاء، وما ÙŠØÙŠØ· به من خشوع وتقوى. هذا ما ÙŠÙØ¹Ù„Ù‡ عالم جورج ØØ¨Ø´ بالمرء الذي ÙŠØØ§ÙˆÙ„ أن يسبر غور هذا العالم وأن يتعرّ٠إليه وأن ÙŠÙØ¹Ø±Ù‘٠غيره به. ÙØ¬ÙˆØ±Ø¬ ØØ¨Ø´ØŒ من بين المئات من زملائه ÙˆØ±ÙØ§Ù‚Ù‡ ÙÙŠ مراكز القيادة ÙÙŠ دنيا العرب، ومن بين عشرات الآلا٠من مناضلي شعبه على مدى قرن من الزمان، معلمٌ بارز ومنارة متميّزة، بل هو ظاهرة ÙØ±ÙŠØ¯Ø© أضاءت لمرØÙ„Ø© طويلة من تاريخنا القومي، والنضالي خاصة، المعاصر، وبنت ØÙˆÙ„ها هيكلاً شامخاً يلتØÙ‚ به ويعمّره ويخصّبه ويطوّره كل من استنار بÙكر ØØ¨Ø´ وتدرّب على أسلوبه ودرس تجربته واعتنق دعوته ÙˆØ±ÙØ¹ رايته وشارك ÙÙŠ ØÙ…Ù„ رسالته.
إنه هيكل ØØ§ÙˆÙ„ المؤسّس القائد أن ÙŠØÙظ له نقاوته ويصون براءته ويرسّخ مصداقيته، مقارنة مع هياكل وبيوت نضال ØÙˆÙ‘لها بعض مؤسّسيها أو قادتها أو الدخلاء عليها إلى مغارات للّصوص وتجار المبادئ ومزوّري الشعارات. غير أني لا أقدّم لكتاب عن رجل اسمه جورج ØØ¨Ø´ بل لمذكرات قيّمة لهذا الرجل الذي ÙƒÙØªØ¨ عنه الكثير ÙÙŠ مدى نص٠قرن وما زال ØØªÙ‰ اليوم يستØÙ‚ أن ÙŠØØ¸Ù‰ بكثير آخر من الكتابات والمعالجات ÙˆÙ…ØØ§ÙˆÙ„ات التعر٠إليه والتعري٠به. وأنا Ø£ØØ±Øµ على أن أدعوها «Ù…ذكّرات» وإن كانت نوعاً غير مألو٠كثيراً من المذكّرات. صØÙŠØ أن ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ لم يسجّلها Ø¨Ù†ÙØ³Ù‡ØŒ ولا اختار هو بالذات موضوعاتها ÙˆØÙ„قاتها، بل كانت مادّتها إجابات عن أسئلة طرØÙ‡Ø§ غيره عليه (وغيره، ÙÙŠ هذه Ø§Ù„ØØ§Ù„ة، ØµØØ§ÙÙŠ أجنبي).
لكنّ Ø£ØØ§Ø¯ÙŠØ«Ù‡ هذه، وإجاباته عن أسئلة Ø§Ù„ØµØØ§ÙÙŠ ÙˆØ§Ø³ØªÙØ³Ø§Ø±Ø§ØªÙ‡ØŒ جاءت عÙوية وشاملة وصادقة لا تقلّ ÙÙŠ قيمتها وصدقيّتها وأثرها عن ØµÙØØ§Øª أيّ سيرة ذاتية ومذكّرات شخصيّة. والخو٠الذي ينتاب المرء Ø£ØÙŠØ§Ù†Ø§Ù‹ ØÙŠÙ†Ù…ا يقرأ هذا النوع من المذكّرات (ولنسمّÙÙ‡ المذكّرات غير المباشرة) إنما مبعثه أن يكون الكاتب/Ø§Ù„Ù…ØØ±Ù‘ر الذي قام بالتسجيل قد تلاعب بردود Ù…ØØ¯Ù‘ثه Ù…ØÙˆØ± المقابلة (أو قد زوّر أو بدّل أو أضا٠أو ØØ°ÙØŒ وغير ذلك من ألوان التدخّل المرÙوض والمسيء إلى كلّ٠من ØµØ§ØØ¨ السيرة والقارئ، وإلى علم التاريخ ومصداقيّة التوثيق). وكذلك أن يكون Ø§Ù„Ù…ØØ±Ù‘ر قد ÙØ±Ø¶ على ØµØ§ØØ¨ السيرة أسئلة معيّنة وتجنّب نواØÙŠ Ø£Ø®Ø±Ù‰ من ØÙŠØ§ØªÙ‡ØŒ عن جهل أو سوء نيّة، ولا ÙØ±Ù‚ بين الاثنين من الناØÙŠØ© العملية. لكنّ هذين Ø§Ù„Ù…ØØ¸ÙˆØ±ÙŠÙ† Ø§Ù„Ø®Ø·ÙØ±ÙŠÙ† والخطيرين سقطا هنا ÙÙŠ ØØ§Ù„ كتابنا هذا. Ùمن الجهة الأولى انكبّ Ø§Ù„ØµØØ§ÙÙŠ (وهو خبير إلى ØØ¯Ù‘ ما ÙÙŠ الشؤون العربية مع أنه أجنبي) على دراسة المرØÙ„Ø© Ø§Ù„ØØ§Ø¶Ø±Ø© من تاريخنا المعاصر، الÙلسطيني والعربي، عموماً، وعلى دور ØØ¨Ø´ØŒ ÙˆØØ±ÙƒØªÙ‡ القومية العربية وجبهته الشعبية الÙلسطينية، ÙÙŠ Ø£ØØ¯Ø§Ø« هذا التاريخ المعاصر، وعلى تأثير ØØ¨Ø´ ÙÙŠ Ø§Ù„Ø£ØØ¯Ø§Ø« المتعاقبة، وعلى انعكاسات هذه Ø§Ù„Ø£ØØ¯Ø§Ø« على الرجل ÙˆØØ±ÙƒØªÙ‡ وجبهته. وكانت Ù…ØØ§ÙˆØ± المقابلات التي تضمّنها هذا الكتاب (وقد استغرقت أكثر من تسعين ساعة) تشمل كل الوقائع التي كان Ù„ØØ¨Ø´ دور مباشر Ùيها، وجاء الكتاب، بالتالي، سجلاً تاريخياً كاملاً لعالم جورج ØØ¨Ø´ وسيرته النضالية.
ÙˆØØ±Øµ جورج ØØ¨Ø´ ÙÙŠ الأشهر القليلة التي امتدّت بين عقد هذه المقابلات ورØÙŠÙ„Ù‡ (كما ØØ±ØµØª أسرته من بعد رØÙŠÙ„Ù‡: زوجته وابنتاه اللواتي راÙقن من قبل جلسات الØÙˆØ§Ø± الطويلة مع ØµØ§ØØ¨ السيرة) على التدقيق المعمّق المضني ÙÙŠ الصيغة التي جاءت بها Ø§Ù„Ø£ØØ§Ø¯ÙŠØ« على ØµÙØØ§Øª الكتاب مع الصيغة الأصلية المسجّلة على الأشرطة. وهكذا يسقط أي زعم (وقد يكون زعماً مغرضاً ÙŠÙØ³Ø§Ø¡ به إلى ØµØ§ØØ¨ السيرة أو إلى Ù…ØØ±Ù‘رها) بأن المادة ليست مذكرات بالمعنى الضيّق لأن الكاتب هو ØµØØ§ÙÙŠ أجنبي وليس ØµØ§ØØ¨ السيرة Ù†ÙØ³Ù‡. والواقع أنه إذا كانت المقابلات قد استغرقت أكثر من تسعين ساعة ÙØ¥Ù† التدقيق ÙˆØ§Ù„ØªÙØÙ‘Øµ قد استغرقا مئات الساعات. ØØªÙ‰ أنني أستطيع أن أؤكد هنا أنّ ردود ØØ¨Ø´ على الأسئلة التي وجّهت إليه هي صØÙŠØØ© مئة ÙÙŠ المئة، وهي تنطبق تماماً على ما أراد ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ أن يقول معبّراً به عن Ø£Ùكاره ومواقÙÙ‡. ØØªÙ‰ Ø£ØµØ¨Ø Ù…Ù† المبرَّر أن نزعم أن Ù…ØØªÙˆÙŠØ§Øª الكتاب تتساوى تماماً مع أيّة سيرة ذاتية يسجّلها ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ØŒ سواء من ØÙŠØ« المصداقية أو من ØÙŠØ« الشمول ÙˆØ§Ù„Ø¥ØØ§Ø·Ø© التامة بØÙŠØ§Ø© إنسان تشعّبت مجاريها وتعدّدت اهتماماتها ÙˆØÙلت أيامها ولياليها بالعطاء والجهد والأثر، سواء على الصعيد الشخصي Ù„ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ وأسرته أو على الصعيد الوطني والقومي العام. مع الإشارة هنا إلى أن الØÙˆØ§Ø± الذي جرى إنما كان آخر Ø£ØØ§Ø¯ÙŠØ« ØØ¨Ø´ قبل رØÙŠÙ„Ù‡. وهذا الأمر يجعل الكتاب أكمل من أي كتاب آخر ÙÙŠ ØÙŠØ§Ø© ØØ¨Ø´ …
لا شك ÙÙŠ أن القارئ أخذ ويأخذ Ùكرة جيّدة عن جورج ØØ¨Ø´ ÙÙŠ قراءاته عشرات المطبوعات السابقة. إنه يتعرّ٠من خلالها إلى تاريخه الشخصي وعلاقاته Ø¨Ø£ØØ¯Ø§Ø« بلده وأمّته، Ùلسطينياً وعربياً. ويتعر٠كذلك إلى جهوده وأعماله ونضاله السياسي والتنظيمي ÙˆØ§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠ ÙˆØ§Ù„Ù…Ø¬ØªÙ…Ø¹ÙŠØŒ وإلى المؤسس والقائد والرمز والطبيب والمنظّم ÙˆØ§Ù„Ù…ØØ§ÙˆØ± وغير ذلك إن كلاًّ من تلك Ø§Ù„ØµÙØØ§Øª يظهر بشكل أو بآخر ÙÙŠ هذا الكتاب أو ذاك من بين Ø¢Ù„Ø§Ù Ø§Ù„ØµÙØØ§Øª التي تناولت جورج ØØ¨Ø´. غير أنني أعتقد أن جورج ØØ¨Ø´ الإنسان، الإنسان بكل ما ÙÙŠ الكلمة من معنى سام٠ورÙيع، لا نراه مثلما نراه ونتعر٠إليه ÙÙŠ مذكراته التي بين أيدينا: ليس الإنسان السياسي والمناضل والمÙكر والقائد Ùقط بل الإنسان الذي صبغ السياسي والمناضل والمÙكر والقائد بصبغة خاصة من الإنسانية، أو الأنسنة الخاصة التي يتميّز بها عن سائر زملائه من السياسيين والمناضلين والمÙكرين والقادة.
إن جوهر الإنسان ÙÙŠ جورج ØØ¨Ø´ هو Ø§Ù„ØØ¨: ØØ¨Ù‘ الآخرين، ØØ¨Ù‘ الغير. ذلك Ø§Ù„ØØ¨ الذي يتØÙˆÙ‘Ù„ تلقائياً إلى ØªÙØ§Ù†Ù ÙÙŠ خدمة الآخرين واستعداد للبذل والعطاء المستمرَّين، بكرم وطيب خاطر وتضØÙŠØ© بدون ØØ³Ø§Ø¨ØŒ وإلى اعتبار الآخرين ÙÙŠ رأس أولويات الØÙŠØ§Ø© وإيثارهم بالعطاء والاهتمام ولو على ØØ³Ø§Ø¨Ù‡ الخاص، الشخصي والعائلي الضيّق والواسع. Ùلا المنصب ولا المركز أو الموقع، ولا سعة العيش ورغدها، ØªØ³Ù…Ø Ù„Ù‡ بأن ÙŠØÙŠÙ„ الآخر ÙØµÙŠÙ„اً كان أو شعباً أو طبقة أو قضية إلى درجة ثانية أو مؤجّلة إلى أن ÙŠØÙ‚Ù‚ شؤونه الخاصة ØÙŠØ§Ø© جورج ØØ¨Ø´ هي سلسلة من الأعمال الشاقّة على طريق النضال من أجل مبادئ معيّنة: ØªØØ±ÙŠØ± Ùلسطين ÙˆÙˆØØ¯Ø© العرب ÙˆØ±ÙØ§Ù‡ÙŠØ© المجتمع، ومقاومة العدو (صهيونياً كان أو استعمارياً، أو عميلاً عربياً أو Ùلسطينياً، أو مستغلاً أو مستبداً أو ظالماً Ù…ØÙ„ياً). على هذا الدرب النضالي يهون السجن والاعتقال والتشرّد، ÙˆØªØµØ¨Ø ØÙ…اية الوطن وصيانة القضية أهم بكثير من ØÙ…اية الذات والأشخاص. وشرط هذا الاستعداد لبذل التضØÙŠØ§Øª المتواصلة أن يتمّ بلا شكوى ولا تذمّر ولا أنين ولا عتب ولا Ù†ÙØ§Ø¯ صبر. جورج ØØ¨Ø´ الإنسان الذي نكتشÙÙ‡ ÙÙŠ هذا الكتاب هو إنسان Ù…ØªØµØ§Ù„Ø Ù…Ø¹ Ù†ÙØ³Ù‡ وراض عن قدر ÙˆØØ§Ù„ قبل بهما وقنع بأن لا معنى Ù„ØÙŠØ§ØªÙ‡ بدون السعي المتواصل، Ø§Ù„ØØ§ÙÙ„ بالعطاء والشقاء، لتØÙ‚يق القÙÙŠÙŽÙ… الإنسانية العليا: Ø§Ù„ØØ±ÙŠØ© والاستقلال والسيادة ÙˆØ§Ù„ÙˆØØ¯Ø©ØŒ ورخاء المجتمع ÙˆØ±ÙØ¹ØªÙ‡ وعدالته والمساواة بين أبنائه وعناصره.
إننا نقرأ ÙÙŠ مذكرات جورج ØØ¨Ø´ØŒ ÙÙŠ عشرات الأماكن والصيغ والأشكال، ØØ¨Ù‘Ù‡ لزوجته وابنتيه، وامتنانه لهنّ واعتراÙÙ‡ بأثرهنّ ÙÙŠ مواصلته النضال ولو على ØØ³Ø§Ø¨ Ø±Ø§ØØªÙ‡ ÙˆØ±Ø§ØØªÙ‡Ù†. ونقرأ تقديره Ù„Ø±ÙØ§Ù‚Ù‡ ÙÙŠ العمل النضالي، Ø§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠ ÙˆØ§Ù„ØªÙ†Ø¸ÙŠÙ…ÙŠ ÙˆØ§Ù„ØØ±ÙƒÙŠ ÙˆÙ†Ù‚Ø±Ø£ اعتراÙÙ‡ بØÙ…له المبادئ أو Ø§Ù„Ù…ÙØ§Ù‡ÙŠÙ… الأخرى، المغايرة Ø£ØÙŠØ§Ù†Ø§Ù‹ لمبادئه ÙˆÙ…ÙØ§Ù‡ÙŠÙ…Ù‡ ÙˆØ§Ù„Ù…ØªÙ†Ø§ÙØ³Ø© بل المتصارعة معها ÙÙŠ Ø£ØÙŠØ§Ù† كثيرة. نجد ÙÙŠ هذه المشاعر والمواق٠النادرة ÙÙŠ المجال السياسي ÙˆØ§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠ Ø§Ù„Ø¹Ø±Ø¨ÙŠ (والÙلسطيني) المعاصر Ø§Ø¹ØªØ±Ø§ÙØ§Ù‹ بالآخر قائماً على ØÙ‚Ù‡ ÙÙŠ الاختلاÙ. والأمثلة كثيرة: إنه ÙŠØªØØ§Ø´Ù‰ ذكر أسماء معظم المسيئين إليه، من خصوم ÙÙŠ Ø§Ù„Ø³Ø§ØØ© السياسية ومن Ø±ÙØ§Ù‚ درب Ù…Ù†ØØ±Ùين وآبقين وضالّين ومن Ø£ØµØØ§Ø¨ غايات خاصة وطامعين بمكاسب غير شرعية وساعين وراء صÙقات مشبوهة. ومن Ø§Ù„Ù„Ø§ÙØª أنه لم يذكر أسماء أيّ من هؤلاء المتآمرين عليه وعلى قضيته ومنظمته إلا ÙÙŠ ØØ§Ù„تين اثنتين Ùقط ØÙŠØ« اضطرّ إلى ذكر اسمي رجلين تآمرا عليه ÙˆØØ§ÙˆÙ„ا اغتياله، وذلك لأن الاسمين Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ§Ù† جيداً ولم يكن بالإمكان Ø¥Ø®ÙØ§Ø¡ هويّة أيّ منهما. ..
إن من يتتبّع مسيرة جورج ØØ¨Ø´ النضالية على مدى خمسين عاماً على الأقل لا يستطيع أن يتجاهل وجود علاقات خاصة طبعت تلك المسيرة مع قائدين Ùلسطينيين كبيرين هما وديع ØØ¯Ù‘اد وياسر Ø¹Ø±ÙØ§Øª كانت علاقة ØØ¨Ø´ Ø¨ØØ¯Ù‘اد، التي بدأت وهما على مقاعد دراسة الطبّ ÙÙŠ الجامعة الأميركية ÙÙŠ بيروت منذ أواخر أربعينيّات القرن الماضي، مضرباً للمثل لا من ØÙŠØ« توثّقها وعمقها ÙˆØµÙØ§Ø¤Ù‡Ø§ واستمرارها طويلاً، ولا من ØÙŠØ« المشاركة الكاملة ÙÙŠ كل الأعمال والجهود ومجالات النضال والتأسيس والتأثير ÙˆØ§Ù„Ù…ÙˆØ§Ù‚ÙØŒ Ùقط، بل أيضاً من ØÙŠØ« البذل والتضØÙŠØ© ÙˆØ§Ù„ÙˆÙØ§Ø¡ للالتزامات الوطنية والقومية. ØØªÙ‰ Ø£ØµØ¨Ø ÙƒÙ„ من «Ø§Ù„ØÙƒÙŠÙ…ين» توأماً Ùكرياً ونضالياً للآخر. إلى أن اجتهد كل منهما، وبعد عشرين سنة، اجتهاداً Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ عن الآخر ÙÙŠ مجال أسلوب النضال من أجل المبادئ التي آمنا بها إيماناً مشتركاً كاملاً. ÙˆØ§ÙØªØ±Ù‚ الØÙƒÙŠÙ…ان والتوأمان، وتابع كل منهما مسيرته النضالية Ø¨ØØ³Ø¨ أسلوبه المختل٠عن أسلوب زميله. وتلك واقعة ØªØØµÙ„ بين Ø§Ù„Ø±ÙØ§Ù‚ والزملاء دائماً ÙˆÙÙŠ كل مناØÙŠ Ø§Ù„Ø¹Ù…Ù„ السياسي ÙˆØ§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠ. لكننا ÙÙŠ ØØ§Ù„Ø© ØØ¨Ø´ Ù€ ØØ¯Ø§Ø¯ لا نسمع من أي منهما كلمة ÙˆØ§ØØ¯Ø© تسيء إلى الآخر أو تطعن به أو تغمز من قناته. ظل Ø§Ù„Ø§ØØªØ±Ø§Ù… والتقدير وسموّ المشاعر والتعابير بينهما بعد Ø§ÙØªØ±Ø§Ù‚هما بالقوة والقدر Ù†ÙØ³ÙŠÙ‡Ù…ا اللذين كانا يميّزان علاقاتهما ÙÙŠ السنوات العشرين التي سبقت Ø§Ù„ÙØ±Ø§Ù‚. وقراءة ما ذكره ØØ¨Ø´ عن رÙيقه عند رØÙŠÙ„Ù‡ تدلّ على ØµÙØ§Ø¡ ØØ¨Ø´. ولا شك بأن ØØ¯Ù‘اد لو بقي ØÙŠØ§Ù‹ عند رØÙŠÙ„ ØØ¨Ø´ لكان نطق بالمشاعر النبيلة Ù†ÙØ³Ù‡Ø§
ومن الجهة الأخرى، يستدلّ متتبّع العلاقة السياسية بين جورج ØØ¨Ø´ وياسر Ø¹Ø±ÙØ§Øª على اختلا٠كل من القائدين الÙلسطينيين الكبيرين طيلة الأربعين عاماً التي اشتركا خلالها ÙÙŠ العمل السياسي الÙلسطيني/العربي، وكان لكل منهما أسلوبه الخاص البعيد جداً عن أسلوب الآخر. بل كان كل من الأسلوبين نقيضاً للآخر. وكان كل من الرجلين نقيضاً للآخر. لكنّ ØØ¨Ø´ØŒ الذي ÙŠØªØØ¯Ù‘Ø« مطوّلاً عن Ø®Ù„Ø§ÙØ§ØªÙ‡ مع Ø¹Ø±ÙØ§Øª ÙˆØ§Ø®ØªÙ„Ø§ÙØ§ØªÙ‡ معه ÙÙŠ Ø§Ù„Ù…ÙØ§Ù‡ÙŠÙ… والأساليب والأدوات والأداء، لا ÙŠÙØ®ÙÙŠ Ø¹Ø§Ø·ÙØ© ودّية خاصة تجاه خصمه ÙÙŠ عشرات الأماكن، ÙˆÙŠØØ§ÙˆÙ„ أن يقدّم لنا Ø£ØÙŠØ§Ù†Ø§Ù‹ صورة Ù„Ø¹Ø±ÙØ§Øª تغاير الصورة التي يتخيّلها الآخرون من معارضي نهج Ø¹Ø±ÙØ§Øª. وعندما رØÙ„ Ø¹Ø±ÙØ§Øª كانت كلمات ØØ¨Ø´ تصدر من قلب Ù…ØØ¨Ù‘ ÙˆØÙ†ÙˆÙ† ولا علاقة لها بالصراع السياسي. لن أسترسل ÙÙŠ الأمثلة على أصالة قائد يعلو ÙÙŠ صراعاته السياسية Ùوق المستوى المألو٠ويصرّ على الØÙاظ على نقائه ونبله لأن ذلك Ø§Ù„ØµÙØ§Ø¡ يتواÙÙ‚ مع معتقداته وأساليبه ÙÙŠ العمل ومواقÙÙ‡ من الآخرين، ØØªÙ‰ لو كان الآخرون يتعاملون معه بطرق أخرى.
وأكاد أقول إن ØØ¨Ø´ ما كان يستطيع أن ÙŠØªØµØ±Ù‘Ù ØªØµØ±ÙØ§Ù‹ آخر إن ضميره وقلبه ووجدانه وتربيته ما كانت Ù„ØªØ³Ù…Ø Ù„Ù‡ بأن يكون غير ما كان عليه طيلة ØÙŠØ§ØªÙ‡ ÙˆÙÙŠ جميع ممارساته. ومثل أي قائد سياسي، نجد جورج ØØ¨Ø´ ÙÙŠ مذكراته ÙŠØ¯Ø§ÙØ¹ عن مواق٠وسياسات معيّنة، Ùلسطينية وعربية ودولية، اتخذها ÙÙŠ ØÙŠØ§ØªÙ‡ شخصياً أو عبر Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© أو الجبهة التي تولّى قيادتها، وربما كان بعضها يتعارض Ø£ØÙŠØ§Ù†Ø§Ù‹ØŒ ولو شكلياً، مع إجراءات أخرى قام بها، ولا شك بأن بعضها يتعارض مع آراء سياسيين آخرين ومواقÙهم. وقد يقنعك هذا Ø§Ù„Ø¯ÙØ§Ø¹ (أو التØÙ„يل أو Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± أو التبرير) وقد لا يقنعك. ÙØ§Ù„مسائل سياسية وعالم السياسة واسع ÙˆÙŠØØªÙ…Ù„ Ø§Ù„Ø§Ø®ØªÙ„Ø§ÙØ§ØªØŒ بل التناقضات أيضاً.
وكما كان الزعيم الكبير جمال عبد الناصر يقول ÙØ¥Ù† من لا يعمل أو من لا يأخذ Ù…ÙˆØ§Ù‚Ù Ù…ØØ¯Ø¯Ø© لا يجد من يعارضه. ومن المنطقي أن تكون أعمال ØØ¨Ø´ التي لاقت تأييداً واسعاً، من الجماهير ومن النخبة ومن Ø§Ù„Ù…ØØ§Ø²Ø¨ÙŠÙ†ØŒ قد لاقت أيضاً ÙˆÙÙŠ الوقت Ù†ÙØ³Ù‡ معارضة من قطاعات أخرى من الجماهير والنخب والجماعات المعارضة له. والمهم ÙÙŠ هذه Ø§Ù„Ø£ØØ§Ø¯ÙŠØ« مع Ù…ØØ§ÙˆØ±Ù‡ أن ØØ¨Ø´ مرّ على هذه المسائل كلّها، ولم يتهرّب من أي منها، وكان ÙÙŠ جميع أجوبته ÙˆØ§Ø¶ØØ§Ù‹ ومنطقياً ÙˆØ£ØØ³Ø¨ أنه كان مقنعاً ÙÙŠ معظم الأØÙŠØ§Ù†
إنني، كدارس للتاريخ، أرØÙ‘ب بصدور هذه المذكرات وأØÙŠÙ‘ÙŠ الجهد الذي بذلته السيدة هيلدا وابنتاها ميساء ولمى ÙÙŠ الإشرا٠على إعداد المذكرات ÙÙŠ صيغتها العربية، وأÙكبر العمل الشاق الذي قام به Ø§Ù„ØµØØ§ÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ±Ù†Ø³ÙŠ Ø¬ÙˆØ±Ø¬ مالبرونو وأنا ÙƒÙلسطيني يؤمن Ø¨ØªØØ±ÙŠØ± Ùلسطين من Ø¨ØØ±Ù‡Ø§ إلى نهرها وكعربي يؤمن Ø¨ÙˆØØ¯Ø© الأمة عبر نضال مشترك، Ø£Ù„Ù…Ø ÙÙŠ سيرة جورج ØØ¨Ø´ بريقاً قادراً على هداية الأجيال الطالعة Ù†ØÙˆ طريق يصل بنا Ù†ØÙˆ Ø§Ù„ØªØØ±ÙŠØ± ÙˆØ§Ù„ÙˆØØ¯Ø© وما يتبعهما من عدالة ÙˆØØ¯Ø§Ø«Ø© ÙˆØØ±ÙŠØ© ومساواة، وهي كلها Ù…ÙØ«Ù„ التزمها ØµØ§ØØ¨ السيرة وكرّس لها ØÙŠØ§ØªÙ‡ Ø§Ù„ØØ§Ùلة بالعطاء.
إن Ø§Ù„ÙˆÙØ§Ø¡ الأكبر من الأجيال الطالعة لجورج ØØ¨Ø´ يتمثل بأن لا يبقى الرجل مجرّد ظاهرة ÙØ±ÙŠØ¯Ø© ÙÙŠ زمانه. ÙØ§Ù„مطلوب والمأمول أن ينهض بين هذه الأجيال من يجسّد ظاهرة جورج ØØ¨Ø´ النادرة ويجدّدها وبذلك يكون الرجل قد أدّى رسالته ورØÙ„ Ù…Ø±ØªØ§Ø Ø§Ù„Ø¨Ø§Ù„ سيصدر الكتاب بالعربية بداية الشهر القادم